من البدع الصريحة التي ابتدعها ابن تيمية و انتصر له تلميذه ابن القيم تعصبا لشيخه و تقليدا له ، بدعة عدم وقوع طلاق الحائض. و قد خالف ابن تيمية في هذه المسألة النصوص الصريحة الواضحة الثابتة التي تثبت طلاق الحائض و التي حكم فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم بوقوع طلاق الحائض، و لكن التعصب يحمل أنصار ابن تيمية على ترك النصوص و تقليده في هذه البدعة، الأمر الذي يجعل حملهم لشعار الكتاب و السنة ما هو إلا شعار لاصطياد الأتياع و الأنصار لا غير.
و من أقوال ابن تيمية في -مجموع الفتاوي ج33، ص 18- " و الطلاق هو مما أباحه الله تارة و حرمه أخرى، فإذا فعل على الوجه الذي حرمه الله و رسوله صلى الله عليه و سلم لم يكن لازما نافذا كما يلزم ما أحله الله و رسوله..."، ثم تكلم عن الطلاق في الحيض بالذات، و ذكر قول من اوقعه و قول من لم يوقعه، وقال عمن لم يوقعه بأنه " أشبه للأصول و النصوص" مجموع فتاوي ابن تيمية ج33، ص24- و قال أيضا - وقد سئل عن الطلاق في الحيض - بعد كلام طويل:" و لا ريب أن الأصل بقاء النكاح و لا يقوم دليل شرعي على زواله، بالطلاق المحرم، بل النصوص و الأصول تقتضي خلاف ذلك"، فتاوى ابن تيمية -طبعة فرج الله كردي، ج3 ، ص 27.
ابن القيم يقلد شيخه و يتعصب له و ينتصر لهذه البدعة!
انتصر ابن القيم لشيخه أشد الإنتصار و أطال النفس و أجهد نفسه في الإستدلال لهذه البدعة بما لا طائل تحته، و جاء بما ظنه أدلة و سهل عليه مخالفة الأحاديث الصحيحة و تحاشاها و ذكر الأدلة الضعيفة وأغار عليها حتى يظن من لا يعلم صحة بدعته و ضعف أدلة الجمهور و هي طريقة-حشوية- معلومة، و بلغ به الأمر أن تحدى من خالفه و هم جمهور المالكية و الحنفية و الشافعية و الحنابلة و جمهور أهل الحديث، فقال متحديا متعجرفا" أما قول أبي داود . الأحاديث كلها على خلافه، فليس بأيديكم سوى تقليد أبي داود، و أنتم لا ترضون ذلك، و تزعمون أن الحجة من جانبكم ، فدعوا التقليد، و اخبرونا أين الأحاديث الصحيحة ما يخالف حديث أبي الزبير؟ فهل فيها حديث واحد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم احتسب عليه تلك الطلقة، و امره أن يعتد بها، فإن كان ذلك فنعم و الله هذا خلاف صريح لحديث أبي الزبير، و لا تجدون إلى ذلك سبيلا!!" انتهى -زاد المعاد ج5 ص 177-
إذا ابن القيم يزعم أنه لم يثبت حديثا واحدا عن النبي صلى الله عليه و سلمة يحكم بوقوع طلاق الحائضن ويتحدى جمهور الأمة الإسلامية أنهم لا يجدون إلى ذلك سبيلا!
جواب ابن القيم: و الدليل أن النبي صلى الله عليه و سلم اعتبر طلاق ابن عمر لامرأته و هي حائض طلقة واحدة أولا : ليس هناك أعلم بهذه المسألة من عبد الله بن عمر لأنه صاحب القصة فهو الذي طلق امرأته في حيض و هو الذي أخبر عمر بن الخطاب ليسأل النبي صلى الله عليه و سلم، و لذلك لن نبحثلا عن جواب عند غيره رضي الله عنه.
- أخرج البخاري في صحيحه عن سعيد بن جبير عن ابن عمر عندما طلق زوجته و هي حائض، قال بن عمر: "حُسبت عليّ بتطليقة" صحيح البخاري مع فتح الباري- كتاب الطلاق باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق ج9، ص 351 .
و حينما يقول عبد الله بن عمر -حسبت علي بتطليقة- فهو كقول الصحابي أمِرنا في عهد النبي صلى الله عليه و سلم بكذا فإنه ينصرف إلى من له المر حينئذ ، و هو النبي صلى الله عليه و سلم، و لكن الحافظ ابن حجر العسقلاني قال:" و عندي أنه لا ينبغي أن يجيء فيه الخلاق الذي في قول الصحابي أمرنا بكذا فإن ذلك محله حيث يكون اطلاع النبي صلى الله عليه و سلم على ذلك ليس صريحا، و ليس كذلك في قصة ابن عمر هذه ، فإن النبي صلى الله عليه و سلم هو الآمر بالمراجعة، و هو المرشد لابن عمر فيما يفعله، إذا أراد طلاقها بعد ذلك، و إذا أخبر بن عمر أن الذي وقع منه حسبت عليه بتطليقة كان احتمال أن يكون الذي حسبها غير النبي صلى الله عليه و سلم بعيدا جدا ... و كيف يتخيل أن ابن عمر يفصل في القضية- قصة طلاقه- شيئا برأيه، وهو ينقل أن النبي صلى الله عليه و سلم تغيظ من ضيفه كيف لم يشاوره فيما يفعل في القضية المذكورة" فتح الباري ج9 ص 353 .
-عن أنس بن سيرين قال: سمعت ابن عمر يقول: طلقت امرأتي وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه و سلم فسأله، فقال : "مره فليراجعا، فإذا طهرت فليطلقها إن شاء" قال: فقال عمر يا رسول الله أفتحتسب بتلك التطليقة؟ قال: نعم" رواه الدارقطني في سننه رقم 3893 ، قال العلامة المحدث أبي الطيب محمد شمس الحقلا العظيم آبادي - في التعليق المغني على الدارقطني ج5 ص 10 قال ( حديث أخرجه الأئمة الستة البخاري 5251و مسلم 1471 و أبو داود 2179 و ابن ماجه 2019 و الترمذي 1176 و النسائي 6/137) عن ابن عمر أخرجه البخاري في الطلاق 251م في التفسير 4908 و في الأحكام 7160، و الباقون في الطلاق، كذا في الزيعلي 3/221 انتهى .
و علق شعيب الأرناؤوط فقال " هو في مسند أحمد 304 و 6119ظن و هو حديث صحيح" انتهى
و رغم وضوح المسألة إلا أن ابن القيم انتصر لشيخه فقال في زاد المعاد ج5 ص 185. و أما حديث ابن جريح عن عطاء عن نافع ، أن تطليقة عبد الله حسبت عليه، فهذا غايته أن يكون من كلام نافع و لا يعرف من الذي حسبها أهو عبد الله نفسه ، أو أبوه عمر ، أو رسول الله صلى الله عليه و سلم، و لا يجوز أن يشهد على رسول الله صلى الله عليه و سلم بالوهم و الحسبان، و كيف يعارض صريح قوله: و لم يرها شيئا بهذا المحمل ؟ و الله يشهد- و كفى بالله شهيدا- أنا لو تيقنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم هو الذي حسبها عليه ، لم نتعد ذلك و لم نذهب إلى سواه. اهـ
و كل هذه الشبهات يثيرها ابن القيم تعصبا لشيخه فقط، غزعمه أنه لا يدري من احتسبها طلقة زعم باطل، لأن حديث الدارقطني صريح في أن النبي صلى الله عليه و سلم هو الذي احتسبها طلقة و حينما يطلب عبد الله بن عمر من أبيه أن يسأل النبي صلى الله عليه و سلم ثم يصرح انها حسبت عليه طلقة، فمن الواضح أنه يقصد النبي صلى الله عليه و سلم، فهو الذي رفع له الأمر و هو الذي حكم فيه، لكن ابن القيم يزعم أنه لا يدري من الذي حكم في المسالة!! لسبب بسيط أنه لا يستطيع مخالفة شيخه و هي بدعة التعصب للشيوخ التي يدندن حولها القوم، و لعلكم بهذا فهمتم كيف تؤخذ السنة عندهم من كلام ابن تيمية و ليس من النبي صلى الله عليه و سلم، وحتى الإمام البخاري الذي روى الحديث عنوانه - باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق- و لكن ابن القيم يقول أنه لا يعرف من حسبها طلقة!!
و ها نحن نطرح نفس السؤال الذي كان اللامذهبيون يطرحونه على أتباع المذاهب السنية الأربعة فنسألهم لقد ثبت أن النبي اعتبر طلاق الحائض و ابن تيمية لا يعتبره طلاقا، فهل تتبعون السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أم تقلدون ابن تيمية في بدعته؟
شبهة ابن القيم
واحتج ابن القيم لبدعة شيخه بما أخرجه ابو داود في سننه عن أبي الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أنس يسأل عبد الله بن عمر و أبو الزبير يسمع، قال : كيف ترى في رجل طلق امرأته و هي حائض؟ قال طلق عبد الله بن عمر امرأته و هي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فسأل عمر -رضي الله عنه- رسول الله- فقال: إن عبد الله بن عغمر طلق امرأته و هي حائض، قال فرد - أي رسول الله صلى الله عليه و سلم- علي و لم يرها شيئا و قال إذا طهرت فليطلق أو ليمسك" عون المعبود شرح سنن أبي داود ج6 ص 232-233 فزعم أن قول عبد الله بن عمر فردها علي و لم يرها شيئا نص في المسألة و دليل عدم وقوع الطلاق في الحيض، و قد تعمد ابن القيم ترك الصحيح الصريح الذي رواه البخاري و الدارقطني و اعتمد على هذه الرواية، لأنها قد تغهم عند العوام على ما ذهب إليه شيخه، و نحن نذكر جواب أهل العلم عن هذه المسالة.
-قال رأبو داود راوي الحديث نفسه و الأحاديث كلها على خلاف ما قال ابو الزبير، اهـ سنن أبي داود ج6 ص 167
-قال المنذري: و قال الإمام الشافعي رضي الله عنه و نافع أثبت عن ابن عمر من أبي الزبير ، و الأثبت من الحديثين أولى أن يقال به إذا خالفه اهـ عون المعبود ج6 ص 168
-و قال أبو سليمان الخطابي: حديث يونس بن جبير أثبت من هذا و قال أهل الحديث: لم يرو أبو الزبير حديثا أنكر من هذا.اهـ فتح الباري ج9 ص 354 .
-وقال ابن عبد البر: قوله " و لم يرها شيئا" منكر لم يقله غير أبي الزبير، و ليس بحجة فيما خالفه به مثله، فكيف بمن هو أثبت منه، و لو صح فمعناه عندي -والله أعلم- لم يرها شيئا مستقيما، لكونها لم تقع على السنة. فتح الباري ج9 ص 354 و عون المعبود ج6 ص 168
قلت: العجب من ابن القيم الذي سكت عن الأحاديث الصحيحة و العبارات الصريحة الدالة على أن النبي صلى الله عليه و سلم اعتبرها طلقة واحدة و تشبث بهذه الرواية الشاذة الموهمة التي نص عليها الحديث و منها راويها نفسه أبو داوود أن الأحاديث كلها على خلافها، بل ذهب أهل الحديث كما قال الإمام الخطابي إلى أن أبو الزبير لم يرو حديثا أنكر من هذا!!
و لكن التعصب جعل الرواية الشاذة حجة عند ابن القيم و الصحيحة غير موجودة أصلا كما زعم.
تنبيه : إنني أستعمل مصطلح بدعة على فهم المتمسلفة ، فأنا أطبق عليهم مفاهيمهم للبدعة و لا يخفى على أحد أن البدعة لا تنقسم و أنها ضلالة و كل ضلالة في النار... اللهم إلا إذا تعلق الأمر بشيوخهم!!
كتبه: الشيخ شمس الدين بوروبي
و من أقوال ابن تيمية في -مجموع الفتاوي ج33، ص 18- " و الطلاق هو مما أباحه الله تارة و حرمه أخرى، فإذا فعل على الوجه الذي حرمه الله و رسوله صلى الله عليه و سلم لم يكن لازما نافذا كما يلزم ما أحله الله و رسوله..."، ثم تكلم عن الطلاق في الحيض بالذات، و ذكر قول من اوقعه و قول من لم يوقعه، وقال عمن لم يوقعه بأنه " أشبه للأصول و النصوص" مجموع فتاوي ابن تيمية ج33، ص24- و قال أيضا - وقد سئل عن الطلاق في الحيض - بعد كلام طويل:" و لا ريب أن الأصل بقاء النكاح و لا يقوم دليل شرعي على زواله، بالطلاق المحرم، بل النصوص و الأصول تقتضي خلاف ذلك"، فتاوى ابن تيمية -طبعة فرج الله كردي، ج3 ، ص 27.
ابن القيم يقلد شيخه و يتعصب له و ينتصر لهذه البدعة!
انتصر ابن القيم لشيخه أشد الإنتصار و أطال النفس و أجهد نفسه في الإستدلال لهذه البدعة بما لا طائل تحته، و جاء بما ظنه أدلة و سهل عليه مخالفة الأحاديث الصحيحة و تحاشاها و ذكر الأدلة الضعيفة وأغار عليها حتى يظن من لا يعلم صحة بدعته و ضعف أدلة الجمهور و هي طريقة-حشوية- معلومة، و بلغ به الأمر أن تحدى من خالفه و هم جمهور المالكية و الحنفية و الشافعية و الحنابلة و جمهور أهل الحديث، فقال متحديا متعجرفا" أما قول أبي داود . الأحاديث كلها على خلافه، فليس بأيديكم سوى تقليد أبي داود، و أنتم لا ترضون ذلك، و تزعمون أن الحجة من جانبكم ، فدعوا التقليد، و اخبرونا أين الأحاديث الصحيحة ما يخالف حديث أبي الزبير؟ فهل فيها حديث واحد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم احتسب عليه تلك الطلقة، و امره أن يعتد بها، فإن كان ذلك فنعم و الله هذا خلاف صريح لحديث أبي الزبير، و لا تجدون إلى ذلك سبيلا!!" انتهى -زاد المعاد ج5 ص 177-
إذا ابن القيم يزعم أنه لم يثبت حديثا واحدا عن النبي صلى الله عليه و سلمة يحكم بوقوع طلاق الحائضن ويتحدى جمهور الأمة الإسلامية أنهم لا يجدون إلى ذلك سبيلا!
جواب ابن القيم: و الدليل أن النبي صلى الله عليه و سلم اعتبر طلاق ابن عمر لامرأته و هي حائض طلقة واحدة أولا : ليس هناك أعلم بهذه المسألة من عبد الله بن عمر لأنه صاحب القصة فهو الذي طلق امرأته في حيض و هو الذي أخبر عمر بن الخطاب ليسأل النبي صلى الله عليه و سلم، و لذلك لن نبحثلا عن جواب عند غيره رضي الله عنه.
- أخرج البخاري في صحيحه عن سعيد بن جبير عن ابن عمر عندما طلق زوجته و هي حائض، قال بن عمر: "حُسبت عليّ بتطليقة" صحيح البخاري مع فتح الباري- كتاب الطلاق باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق ج9، ص 351 .
و حينما يقول عبد الله بن عمر -حسبت علي بتطليقة- فهو كقول الصحابي أمِرنا في عهد النبي صلى الله عليه و سلم بكذا فإنه ينصرف إلى من له المر حينئذ ، و هو النبي صلى الله عليه و سلم، و لكن الحافظ ابن حجر العسقلاني قال:" و عندي أنه لا ينبغي أن يجيء فيه الخلاق الذي في قول الصحابي أمرنا بكذا فإن ذلك محله حيث يكون اطلاع النبي صلى الله عليه و سلم على ذلك ليس صريحا، و ليس كذلك في قصة ابن عمر هذه ، فإن النبي صلى الله عليه و سلم هو الآمر بالمراجعة، و هو المرشد لابن عمر فيما يفعله، إذا أراد طلاقها بعد ذلك، و إذا أخبر بن عمر أن الذي وقع منه حسبت عليه بتطليقة كان احتمال أن يكون الذي حسبها غير النبي صلى الله عليه و سلم بعيدا جدا ... و كيف يتخيل أن ابن عمر يفصل في القضية- قصة طلاقه- شيئا برأيه، وهو ينقل أن النبي صلى الله عليه و سلم تغيظ من ضيفه كيف لم يشاوره فيما يفعل في القضية المذكورة" فتح الباري ج9 ص 353 .
-عن أنس بن سيرين قال: سمعت ابن عمر يقول: طلقت امرأتي وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه و سلم فسأله، فقال : "مره فليراجعا، فإذا طهرت فليطلقها إن شاء" قال: فقال عمر يا رسول الله أفتحتسب بتلك التطليقة؟ قال: نعم" رواه الدارقطني في سننه رقم 3893 ، قال العلامة المحدث أبي الطيب محمد شمس الحقلا العظيم آبادي - في التعليق المغني على الدارقطني ج5 ص 10 قال ( حديث أخرجه الأئمة الستة البخاري 5251و مسلم 1471 و أبو داود 2179 و ابن ماجه 2019 و الترمذي 1176 و النسائي 6/137) عن ابن عمر أخرجه البخاري في الطلاق 251م في التفسير 4908 و في الأحكام 7160، و الباقون في الطلاق، كذا في الزيعلي 3/221 انتهى .
و علق شعيب الأرناؤوط فقال " هو في مسند أحمد 304 و 6119ظن و هو حديث صحيح" انتهى
و رغم وضوح المسألة إلا أن ابن القيم انتصر لشيخه فقال في زاد المعاد ج5 ص 185. و أما حديث ابن جريح عن عطاء عن نافع ، أن تطليقة عبد الله حسبت عليه، فهذا غايته أن يكون من كلام نافع و لا يعرف من الذي حسبها أهو عبد الله نفسه ، أو أبوه عمر ، أو رسول الله صلى الله عليه و سلم، و لا يجوز أن يشهد على رسول الله صلى الله عليه و سلم بالوهم و الحسبان، و كيف يعارض صريح قوله: و لم يرها شيئا بهذا المحمل ؟ و الله يشهد- و كفى بالله شهيدا- أنا لو تيقنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم هو الذي حسبها عليه ، لم نتعد ذلك و لم نذهب إلى سواه. اهـ
و كل هذه الشبهات يثيرها ابن القيم تعصبا لشيخه فقط، غزعمه أنه لا يدري من احتسبها طلقة زعم باطل، لأن حديث الدارقطني صريح في أن النبي صلى الله عليه و سلم هو الذي احتسبها طلقة و حينما يطلب عبد الله بن عمر من أبيه أن يسأل النبي صلى الله عليه و سلم ثم يصرح انها حسبت عليه طلقة، فمن الواضح أنه يقصد النبي صلى الله عليه و سلم، فهو الذي رفع له الأمر و هو الذي حكم فيه، لكن ابن القيم يزعم أنه لا يدري من الذي حكم في المسالة!! لسبب بسيط أنه لا يستطيع مخالفة شيخه و هي بدعة التعصب للشيوخ التي يدندن حولها القوم، و لعلكم بهذا فهمتم كيف تؤخذ السنة عندهم من كلام ابن تيمية و ليس من النبي صلى الله عليه و سلم، وحتى الإمام البخاري الذي روى الحديث عنوانه - باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق- و لكن ابن القيم يقول أنه لا يعرف من حسبها طلقة!!
و ها نحن نطرح نفس السؤال الذي كان اللامذهبيون يطرحونه على أتباع المذاهب السنية الأربعة فنسألهم لقد ثبت أن النبي اعتبر طلاق الحائض و ابن تيمية لا يعتبره طلاقا، فهل تتبعون السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أم تقلدون ابن تيمية في بدعته؟
شبهة ابن القيم
واحتج ابن القيم لبدعة شيخه بما أخرجه ابو داود في سننه عن أبي الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أنس يسأل عبد الله بن عمر و أبو الزبير يسمع، قال : كيف ترى في رجل طلق امرأته و هي حائض؟ قال طلق عبد الله بن عمر امرأته و هي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فسأل عمر -رضي الله عنه- رسول الله- فقال: إن عبد الله بن عغمر طلق امرأته و هي حائض، قال فرد - أي رسول الله صلى الله عليه و سلم- علي و لم يرها شيئا و قال إذا طهرت فليطلق أو ليمسك" عون المعبود شرح سنن أبي داود ج6 ص 232-233 فزعم أن قول عبد الله بن عمر فردها علي و لم يرها شيئا نص في المسألة و دليل عدم وقوع الطلاق في الحيض، و قد تعمد ابن القيم ترك الصحيح الصريح الذي رواه البخاري و الدارقطني و اعتمد على هذه الرواية، لأنها قد تغهم عند العوام على ما ذهب إليه شيخه، و نحن نذكر جواب أهل العلم عن هذه المسالة.
-قال رأبو داود راوي الحديث نفسه و الأحاديث كلها على خلاف ما قال ابو الزبير، اهـ سنن أبي داود ج6 ص 167
-قال المنذري: و قال الإمام الشافعي رضي الله عنه و نافع أثبت عن ابن عمر من أبي الزبير ، و الأثبت من الحديثين أولى أن يقال به إذا خالفه اهـ عون المعبود ج6 ص 168
-و قال أبو سليمان الخطابي: حديث يونس بن جبير أثبت من هذا و قال أهل الحديث: لم يرو أبو الزبير حديثا أنكر من هذا.اهـ فتح الباري ج9 ص 354 .
-وقال ابن عبد البر: قوله " و لم يرها شيئا" منكر لم يقله غير أبي الزبير، و ليس بحجة فيما خالفه به مثله، فكيف بمن هو أثبت منه، و لو صح فمعناه عندي -والله أعلم- لم يرها شيئا مستقيما، لكونها لم تقع على السنة. فتح الباري ج9 ص 354 و عون المعبود ج6 ص 168
قلت: العجب من ابن القيم الذي سكت عن الأحاديث الصحيحة و العبارات الصريحة الدالة على أن النبي صلى الله عليه و سلم اعتبرها طلقة واحدة و تشبث بهذه الرواية الشاذة الموهمة التي نص عليها الحديث و منها راويها نفسه أبو داوود أن الأحاديث كلها على خلافها، بل ذهب أهل الحديث كما قال الإمام الخطابي إلى أن أبو الزبير لم يرو حديثا أنكر من هذا!!
و لكن التعصب جعل الرواية الشاذة حجة عند ابن القيم و الصحيحة غير موجودة أصلا كما زعم.
تنبيه : إنني أستعمل مصطلح بدعة على فهم المتمسلفة ، فأنا أطبق عليهم مفاهيمهم للبدعة و لا يخفى على أحد أن البدعة لا تنقسم و أنها ضلالة و كل ضلالة في النار... اللهم إلا إذا تعلق الأمر بشيوخهم!!
كتبه: الشيخ شمس الدين بوروبي