مدار العقيدة الحشوية
مدار العقيدة الحشوية تجسيم المولى سبحانه وتعالى ، ونحن سنترك أمر الرد عليهم لعالم من علماء الحنابلة ، لينتِّف ريشهم ؛ فهم يلزون أنفسهم بمذهب الإمام أحمد بن حنبل زوراً وبهتانا ، وهذا أحد كبار علماء المذهب الحنبلي ، وإليك ما يقوله فيهم ؛ وذلك من كتاب:
الباز الأشهب المنقض على مخالفي المذهب
المؤلف والكتاب :
هو الإمام أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي الحنبلي المتوفى سنة 597هـ ، و الكتاب تحقيق محمد منير الإمام / مركز الخدمات والأبحاث الثقافية / دار الجنان للطباعة والنشر والتوزيع ش.م.م/ص.ب5279/14 . بيروت - لبنان.
مقتطفات من مقدمة المحقق :
( الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه ورضي الله عن الأئمة الأعلام حماة هذا الدين ، صرفوا أوقاتهم في الذب عن الشريعة ضد الملحدين والمعطلين والمجسمة والمشبهة وغيرهم من الفرق الضالة ، فبينوا للعامة الغث من السمين والحق من الباطل أما بعد فقد رأيت كتاب الإمام العلامة عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي الواعظ المعروف بابن الجوزي المسمى ( الباز الأشهب المنقض على مخالفي المذهب ) الذين خالفوا مذهب ومعتقد الإمام أحمد بن حنبل t ، ونسبوا له ما لا يعتقده ، وافتروا عليه بما لا يقله أدنى مسلم فكيف بهذا الإمام العظيم ، الجليل القدر ، فإنه ابتلي في حياته فصبر وفاز ، وابتلي في مماته بأكثر المنتسبين إليه ، فجزاه الله خيرا ... وهذا الكتاب قاصماً لظهور المشبهة مشتتاً لبدع المجسمة ضارباً حججهم الواهية بسيف الشرع طاعناً أفكارهم برمح العقل السليم الذي هو شاهد للشرع الحنيف ، قاذفاً آراءهم بمقلاع الحجج والبراهين كاشفاً ستار الجهل والضلال ، مبيناً للعامة أضاليلهم وتمويهاتهم ...الخ ) .
مقتطفات من مقدمة المؤلف ابن الجوزي:
( …ورأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصلح ، وانتدب للتصنيف ثلاثة أبو عبدالله بن حامد ، وصاحبه القاضي ( أي الفراء ) وابن الزاغوني ؛ فصنفوا كتبا شانوا بها المذهب ورأيتهم قد نزلوا إلى منزلة العوام ، فحملوا الصفات على مقتضى الحس . فسمعوا أن الله تعالى خلق آدم على صورته ، فأثبتوا له صورة ووجهاً زائداً على الذات ، وعينين وفماً ولهوات وأضراساً وجهة هي السبحات ويدين وأصابع وكفاً وخنصراً وصدراً وفخذاً وساقين ورجلين .
وقالوا : ما سمعنا بذكر الرأس .
وقالوا : يجوز أن يمِس ويُمس ، ويدني العبد من ذاته .
وقال بعضهم : ويتنفس .
وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات ، فسموها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل ، ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظاهر من سمات الحدوث ، ولم يقنعوا أن يقولوا صفة فعل ، حتى قالوا صفة ذات ، ثم أثبتوا أنها صفات ذات قالوا : لا نحملها على توجيه اللغة مثل يد على نعمة وقدرة ومجيء وإتيان على معنى بر ولطف ، وساق على شدة ، بل قالوا : نحملها على ظواهرها ، والظاهر المعهود من نعوت الآدميين ، والشيء إنما يجعل على حقيقته إذا أمكن وهم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون : نحن أهل السنة وكلامهم صريح في التشبيه وقد تبعهم خلق من العوام . فقد نصحت التابع والمتبوع فقلت لهم : يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل وأتباع إمامكم الأكبر يقول وهو تحت السياط : ( كيف أقول ما لم يقل ) . فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس فيه ، ثم قلتم في الأحاديث ، تحمل على ظاهرها . وظاهر القدم الجارحة ، فإنه لما قيل في عيسى روح الله اعتقدت النصارى أن لله صفة هي روح ولجت في مريم ، ومن قال : استوى بذاته فقد أجراه مجرى الحسيات ، وينبغي أن لا يهمل ما يثبت به الأصل ؛ وهو العقل ، فإنه به عرفنا الله تعالى ، وحكمنا له بالقدم ، فلو أنكم قلتم : نقرأ الأحاديث ونسكت ، ما أنكر عليكم أحد ، إنما حمْلكم إياها على الظاهر قبيح ، فلا تُدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس فيه . ولقد كسيتم هذا المذهب شيئا قبيحاً حتى لا يقال حنبلي إلا مجسم ، ثم زينتم مذهبكم بالعصبية ليزيد بن معاوية ، ولقد علمتم أن صاحب المذهب أجاز لعنته ، وقد كان أبو محمد التميمي يقول في بعض أئمتكم : لقد شان هذا المذهب شينا قبيحاً لا يغسل إلى يوم القيامة ).اهـ
منقول