عقيده الوهابيه فى الصفات هى من صنف عقائد المجسمه..
فهم ينسبون الى اللّه تعالى الاعضاء على الحقيقه: كاليد، والرجل، والعين، والوجه.. ثم يصفونه تعالى شانه بالجلوس والحركه والانتقال والنزول والصعود، على الحقيقه كما يفهم من ظاهر اللفظ.. تعالى اللّه عما يصفون.
وهذه العقيده قلدوا فيها ابن تيميه.. وهى فى الاصل عقيده الحشويه من اصحاب الحديث الذين لا معرفه لهم بالفقه والثابت من اصول الدين، فيجرون وراء ما يفهمون من ظاهر اللفظ، وقد اخذوا ذلك عن مجسمه اليهود.
فجاءوا بكلام لم يستطيعوا ان ينقلوا منه حرفا واحدا عن واحد من الصحابه ولا واحد من الطبقه الاولى من التابعين، ثم زعموا ان هذا هو اجماع السلف، وزوروا ذلك بكلام طويل كله لف ودوران خال من اى برهان صادق.
بل لم يجدوا الا كلمه واحده اطلقها ابن تيميه جزافا، وهى محض افتراء لا ينطلى الا على البسطاء الذين لا يتثبتون مما يسمعون، وعلى المقلدين المتعصبين..
يقول ابن تيميه فى حجته الكبرى على مصدر هذه العقيده ما نصه: ان جميع ما فى القرآن من آيات الصفات فليس عن الصحابه اختلاف فى تاويلها، وقد طالعت التفاسير المنقوله عن الصحابه وما رووه من الحديث، ووقفت على ما شاء اللّه من الكتب الكبار والصغار، اكثر من مئه تفسير، فلم اجد الى ساعتى هذه عن احد من الصحابه انه تاول شيئا من آيات الصفات او احاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف.
وقال فى نفس الموضع انه كان يكرر هذا الكلام فى مجالسه كثيرا..
لكنه كلام باطل يشهد على بطلانه كل ما ورد فى تفسير آيات الصفات، وخاصه فى الكتب التى نقلت تفاسير الصحابه، والكتب التى كان يوكد عليها ابن تيميه ويقول: انها تروى تفاسير الصحابه والسلف بالاسانيد الصحيحه وليس فيها شىء من الموضوعات والاكاذيب، واهمها: تفسير الطبرى، وتفسير ابن عطيه، وتفسير البغوى.
فهذه التفاسير جميعا نقلت عن الصحابه تاويل آيات الصفات بخلاف ظاهرها، وهذا جار فى جميع آيات الصفات.
انظر مثلا تفسير آيه الكرسى عند الطبرى وابن عطيه والبغوى، فهم جميعا يبداون بقول ابن عباس: كرسيه علمه.
واكتفى ابن عطيه بهذا ووصف ما ورد عن غير ابن عباس بانه من الاسرائيليات واخبار الحشويه التى يجب ان لا تحكى.
وهكذا مع جميع الايات التى جاء فيها ذكر الوجه: (وجه ربك) او(وجهه) او (وجه اللّه)، فاول ما ينقلونه عن الصحابه هو التاويل بالقصد او الثواب او نحوها كما يقتضى المقام.
اذن فبرهانهم الوحيد على عقيدتهم فى التجسيم هو افتراء على الصحابه، وتزوير فى الحقائق الدينيه، ونسبه الباطل حتى الى كتب التفسير المتداوله بين الناس رغم سهوله التحقق من ذلك.
فهل سيحاول القارىء ان ينظر فى هذه التفاسير ليقف على الحقيقه بعينه؟ خذ مثلا تفسير البغوى الذى عظمه ابن تيميه كثيرا وقال انه لم يرو الموضوعات، وقف على تفسير هذه النبذه من آيات الصفات: البقره آيه 115 و255 (آيه الكرسى) و272، الرعد آيه 22، القصص آيه 88، الروم آيه 38و 39، الدهر آيه 9، الليل آيه 20.
لترى بعدئذ عظمه ما ارتكبه هولاء من افتراء وزيف وبهتان نسبوه الى هذا الدين العظيم والى السلف.